الطفل في برج القوس مهرج صغير يحب لفت الأنظار و إدخال البهجة إلى قلوب المحيطين به .
إذا أهمل أو ترك وحده أخذ حالا ً في البكاء للتعبير عن احتجاجه أو اندفع وراء أي صوت أو
رائحة تدل على وجود بشر . و إذا لم يتسن له رفيق أو أنيس ينصرف إلى معاشرة دمية
أو حيوان أليف يمنحه الدفء و الطمأنينة اللذين ضن عليه بهما الآخرون .
إن الاحتكاك بالناس على اختلاف أعمارهم غذاء رئيسي لطفل برج القوس تماما كالطعام
و الشراب , فإذا أضفنا إلى تلك الحاجة فضولا شديدا تجاه كل أمر و قضية فهمنا سبب
ملاحقته الكبار و طرحه عليهم سيلا لا ينقطع من الأسئلة . " لماذا " كلمة يرددها من الصبح
إلى المساء و يبغي من ورائها معرفة كل شيء دون استثناء . الله , الحياة , الموت , الولادة ,
القوانين و الأنظمة , جميع هذه القضايا تثير اهتمامه و تتطلب منه أجوبة صريحة و صادقة
يستقيها من الذين هم أعلم و أخبر منه . فإذا رفض هؤلاء تقديم الشرح الوافي غضب و هدد
بالتمرد على أوامرهم .
يحب الطفل المولود في برج القوس الطبيعة و الهواء الطلق و الرياضة و الصيد , و كثيرا ما
يسرح في الحقول و على الشاطئ برفقة كلب صديق و بندقية أو شبكة يصطاد بهما العصافير
أو الأسماك . و كثيرا ما يقع أيضا خلال تلك النزهات و يعود منها بآثار الكدمات و الجروح .
هذا الطفل معرض في الواقع للعثرات الجسدية و النفسية بسبب تطلعه إلى الأعالي
و انشغاله بأحلام عظيمة تراوده , و يتعلق أكثرها بمستقبله . في تلك المرحلة من الطفولة
يحلم بأن يكون راهبا أو ناسكا أو رجل دين . لكنه – بعد أن يكبر – يتحول تدريجيا إلى نوع
من التفكير الجدلي الذي يدفعه إلى الشك أو الإلحاد أو دراسة الديانات الأخرى عله يجد
فيها الحقيقة الكاملة .
من أفضل أمنيات طفل برج القوس الحصول على ثقة أهله التامة في الوقت الذي يسعى فيه
إلى الانعتاق منهم . مثلا إذا وضع في مدرسة داخلية أو أرسل إلى بلد ما للدراسة قد تمر
الأيام دون أن يرسل كلمة إلى أهله يطمئنهم بها على نفسه , و لكن تصرفه هذا لا ينم
عن خبث أو سوء نية . بالمقابل يتعلق بمدرسته و أترابه بسهولة تامة , و ينجح في
دراسته بفضل ذكائه و فضوله و طرحه العديد من الأسئلة مما يجعله أكثر استيعابا من غيره للطرق التعليمية الحديثة . إنه يستحق في الواقع اهتمام المعلم المرن و صاحب الخيال
الخصب و متى وجد هذا الأخير أظهر الطفل مواهب عظيمة مقرونة بأفضل الصفات كالصدق
و الاستقامة و الأمانة . أما إذا ارتكب بعض الأخطاء و الهفوات المقصودة فيكون ذلك بمثابة
الرد على سوء معاملة الآخرين له و عدم ثقتهم به .
يميل الطفل في برج القوس إلى الكرم و التبذير أحيانا . لذا من واجب أهله تعويده منذ
الصغر الاعتدال و السير وفقا لميزانية محددة , كما أن من واجبهم تعويده احترامهم و مراعاة
شعورهم و عدم مس كرامتهم بصراحته الفطرية المعروفة . من المواضيع الأخرى التي يفترض
في الأهل و المدرسين تعليمها لطفل برج القوس الجنس و الحمل و الولادة و خلاف ذلك .
و السبب هو اهتمامه المبكر بأفراد الجنس الآخر الأمر الذي قد يورطه في بعض الأحيان إذا
لم يتسلح بالمعرفة و الخبرة الضرورتين .
إذا وضعنا حسنات مولود برج القوس و سيئاته في كفتي ميزان نجد أن حسناته تفوق
سيئاته كثيرا مما يجعلنا نؤكد أنه طفل رائع بكل معنى الكلمة . يكفي أن نعلم أن الحظ
بجانبه مهما بدر منه من أقوال و أفعال .